فصل: مطلب تجوز النميمة والكذب لمصلحة والأخذ بالنصح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي الآية تنبيه على أن أم موسى كموسى كانت محسنة في بداية أمرها، فجزاها اللّه هذا الجزاء وجعلها أمّا لنبيه وما ذكرنا من معنى الأشد هو الصحيح المعول عليه، وهو حتما دون الأربعين، قال تعالى: {إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ} وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً الآية 15 من سورة الأحقاف في ج 2، وهذه الآية تدل على أن الأشد دون الأربعين دلالة صريحة، ولهذا قال هنا استوى والاستواء ما بين الثلاثين إلى كمال الأربعين وبه يظهر معدن الإنسان، وهو سن الكمال الذي يطبع المرء على ما كان عليه فيه من صلاح أو غيره غالبا، قال:
إذا المرء جاز الأربعين ولم يكن ** له دون ما يهواه جاه ولا ستر

فدعه ولا تنفس عليه الذي مضى ** وان جر أسباب الحياة له العمر

وقال الآخر:
وماذا يبتغي الشعراء مني ** وقد جاوزت من الأربعين

ثم شرع اللّه يقص علينا ما وقع من موسى وهو عند فرعون قبل ذهابه إلى مدين وتشرفه بالرسالة بدليل العطف بالواو، لأنها لا تفيد ترتيبا ولا تعقيبا، أو أن الواو في قوله تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ} واو الاستيناف عن ذكر قصة أخرى تتعلق بموسى بعد أن ختم قصته أمه، والمراد بالمدينة المدينة التي فيها قصر فرعون غربي النيل بمسافة اثني عشر ميلا من مدينة فسطاط مصر المعروفة بمصر القديمة، وهي أول بلدة أنشئت بمصر بعد الطوفان واتخذت قصرا لملوك مصر قديما، ولعلها التي يسمونها الآن بالاقصر قالوا وكان فرعون وملؤه لا يريدون أن يخرج منها لانه صار ينتقدهم فيؤنبهم وينكر عليهم عبادتهم، فتمكن يوما من الخروج من قصره في وقت لا يظن الناس فيه خروجه وفي زمن خلوّ من اجتماع الناس، يدل عليه قوله تعالى: {عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها} أي في وقت لا يتوقعون دخوله فيها ولا يعتاد الخروج فيه لانه وقت الاستراحة، قيل كان وقت القيلولة او ما بين المغرب والعشاء {فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ} وقريء يقتلان بإدغام التاء بمثلها {هذا مِنْ شِيعَتِهِ} من اتباع موسى وأنصاره قيل هو السامري، لان ما أظهره في الآية دليل على انه هو {وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ} من القبط وهو طباخ الملك واسمه ثاثون على ما قيل، وسبب المنازعة ان القبطي كلّف الإسرائيلي حمل حطب لمطبخ الملك، فأبى على خلاف العادة، لأن الاسرائيلي لا يمتنع من خدمة القبطي، لأنهم كالعبيد يأتمرون بأمرهم فيما يكلفونهم به نساء ورجالا، إلا أنهم عزّوا بوجود موسى عند فرعون والتفاف زوجته وابنته عليه، وصاروا يناوثون القبط أحيانا ويعارضونهم فيما يأمرونهم به وينهونهم عنه، لاسيما وان الذليل إذا رأى نفسه تعزز لا يطاق كما هو مشاهد في غير المسترقين فكيف بمن صار الرق له ديدنا؟ ولهذا فإن مثل هذه المخالفات صارت تجري منهم على غير المعتاد، وبما أن خصمه طباخ الملك والحطب لمطبخه اغتاظ القبطي وهاجمه بالضرب، ولما رأى موسى أن القبطي هو المعتدي ضربه بجميع يده ليردعه عن ضرب الإسرائيلي، ولا يعلم أن ضربته هذه تقضي لموته لأن الأنبياء معصومون من الكبائر قبل النبوة وبعدها، قال تعالى حاكيا حالهما {فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ} أماته خطأ، والقتل خطأ صغيرة لا كبيرة، والوكز عادة لا يؤدي للموت لأنه ضربه بجميع يده أو دفعه برءوس أصابعه، ولا مظنة فيها للقتلى والقتل بغير آلة مفضية له لا يعدّ جناية مقصودة بالمعنى المراد فيها لاسيما إذا عرت عن النية، ولكن لما رأى وكزته قضت على حياته ولم يكن يتصور حصول الموت بها ندم عليه السلام قالوا ثم جر جثته ودفنها بالرمل و{قالَ هذا} الذي وقع {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ} الذي غايته استذلال البشر وإيقاعه في الخطايا {إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} 15 مظهر العداء والضلال إلى الإنسان، ثم رفع يديه {قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} بما فعلت قال هذا على سبيل الاتضاع والاعتراف بالتقصير، لأن الأنبياء يعدون ما يقع منهم كبيرا مهما كان بالنسبة لقامهم، وفعله هذا كان قبل النبوة بكثير يدل عليه قوله تعالى: {فَعَلْتُها إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} الآية 19 من سورة الشعراء المارة {فَاغْفِرْ لِي} ما وقع مني واستره علي ولا تؤاخذني به لئلا يطلع فرعون فينتقم مني {فَغَفَرَ لَهُ} وأجاب دعاءه جزاء اعترافه ووصم نفسه بالظلم {إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} 16 كثير الرحمة بأوليائه الأبرار وقد ستره اللّه عليه فلم يشاهده أحد عند الضرب ولا عند الدفن {قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} بالستر والمغفرة، وأقلت عثرتي وقبلت توبتي {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا} معاونا ونصيرا أبدا {لِلْمُجْرِمِينَ} 17 الذين يوقعون غيرهم بالإجرام، الذين تؤدي معاونتهم إلى إيقاع الجرم، ويجرونهم إلى الخطأ والهفوات.
واعلم انه عليه السلام إنما عرف أن اللّه تعالى غفر له ولم يتنبأ بعد فبإلهام من اللّه قذف في روعه الشريف، وكان عمره إذ ذاك اثنتي عشرة سنة ومن كان في هذا السن لا يعاقب كما مر لك في الآية 19 من الشعراء، والمادة 40 من قانون الجزاء تنص على هذا، وما قيل انه برؤيا رآها يستبعدها العطف بالفاء، ولمّا لم يستثنى ابتلاء اللّه ثانيا، قال تعالى: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ} التي قتل فيها القبطي {خائِفًا يَتَرَقَّبُ} حلول المكروه من أولياء المقتول أو من فرعون، ويترصد الأخبار ليعرف هل وقف أحد على فعلته هذه أم لا، لأنه أمن من الجزاء المعنوي بمغفرة اللّه وبقي الجزاء الحسيّ وقد أشغل فكره ذلك، إذ صار يتوقع القبض عليه ويترقب المكروه في نفسه {فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} يستغيث به عن بعد من قبطي آخر معه {قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ} أيها الاسرائيلي {لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} 18 مظهر الغواية خال عن الرشد، إنّك قاتلت رجلا بالأمس فاستغثت بي عليه فقتلته بسببك، والآن تقاتل غيره؟
فقال إنه تعدى على أيضا مثل ذلك، وبما أنه عليه السلام يعلم كثرة تعدي القبط على الاسرائيليين فقد أخذته الغيرة وساقته الحمية على الاسرائيليين لأنهم من دمه، فظهر عليه الغضب السائق للانتقام {فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما} في الأصل وهو القبطي {قالَ يا مُوسى أَ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ} كأنه توهم من قوله للإسرائيلي انك لغوي مبين أنه هو الذي قتل القبطي المار ذكره الذي لم يعرف قاتله لأنهم لما فقدوه تحروا عليه فوجدوه قد دسّ بالرمل، فأخذوه ولم يعرفوا قاتله.
وهذا التفسير موافق لظاهر الآية وسياقها ولقوله تعالى: {إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ} الجبار هو الذي يفعل الفعلة لا يخاف عقباها {وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} 19 فيها بأن تدفع بالتي هي أحسن، لأنه يبعد على الاسرائيلي الذي انتصر له أولا وآخرا أن يقول في حق موسى هذا القول وهو وغيره، عرف أن ما حصل لهم من العزة والمكانة إلا بسبب وجوده، ويجدر بالقبطي أن يقول ذلك القول لأنه عرف من فحوى المخاطبة بين موسى والاسرائيلي والاستغاثة به عليه ان قتل القبطي وقع منه، وكلاهما يعلم أن ما حصل للاسرائلين من المهابة هو لأجل موسى لأنه تربى في بيت الملك، ويعلمون أن الملك وزوجته وبنته يحبونه حبا جما، فقال ما قال بحقه، هذا، وأن أكثر المفسرين مشوا على أن القائل هو الاسرائيلي لأنه توهم إرادة البطش بدون القبطي، لأنه سماه غويا فقال ما قال بحق موسى وفشى أمره بين الناس بأنه هو القاتل، ولذلك قالوا انه، السامري، فيكون جزاء موسى منه افتضاح أمره ووصمه بالجبارية وعدم الإصلاح فيصدق عليه قول القائل:
ومن يفعل المعروف في غير أهله ** يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم

أو المثل المشهور يجازى جزاء سنمار ويصدق الخبر الوارد: أبت النفس الخبيثة ان تخرج من الدنيا حتى تسيء لمن أحسن إليها، والخبر الذي نقله الغزالي رحمه اللّه: اتق شر من أحسنت إليه.
وارى التفسير الأول اولى واللّه اعلم.
قالوا وكان اهل المقتول الأول راجعوا فرعون بقضية قتيلهم، إذ وجدوه ولم يعلموا قاتله، فقال حققوا واخبروني، وقد صادف ان حضروا هذه الحادثة الأخيرة وما قاله موسى وما رد عليه به على التفسيرين المارين فتعرفوا ان القاتل هو موسى، فذهبوا واخبروه هذا ما قصه اللّه علينا في كتابه العظيم من القتل والمقتول والقاتل اما الموجود في التوراة الموجودة الآن هو ان الرجلين الأولين كما قص القرآن اما الآخران فكلاهما من بني إسرائيل ووجه العداوة ان هذا الذي أراد أن يبطش به موسى كان ظالما لمن استصرخه، فيكون بظلمه عدوا له وعاصيا للّه تعالى، والعاصي للّه عدو لموسى، وفيها أيضا ما هو صريح في أن الظالم هو قاتل ذلك، يعني موسى عليه السلام راجع الاصحاح الثامن من الخروج ص11 و15، ومن المعلوم أن ما يكون في التوراة مخالفا للقرآن لا يلتفت إليه، وكذلك فيما يخالف السنة، وذلك بسبب التبديل والتغيير الذي طرأ عليها والنسخ، وفيما عدا ذلك من أخبار بني إسرائيل وغيرها فلا بأس بأن يستأنس بها لبعض الأمور، ولا يجب التصديق بها، ولا ينبغي تكذيبها، لأن التوراة بالنسبة للعصر الحاضر هو أول كتاب سماوي موجود في الأرض، لأن الصحف قبلها درست ولم يبق لها أثر، وكثير ما فيها من قصة موسى وغيره مخالف لما قصه اللّه في القرآن، كما يظهر لأول نظرة لمن يطالعها بإتقان، ويقابل ما بينها وبين القرآن، لأنك لا تجد فيها ذكرا لمؤمن آل فرعون ونصحه لموسي في هذه القصة البتة، راجع ما بيناه في تفسير الآية 96 من سورة طه المارة.

.مطلب تجوز النميمة والكذب لمصلحة والأخذ بالنصح:

قالوا وكان مؤمن آل فرعون حاضرا حينما جاء أولياء المقتول وأخبروا فرعون وأمر بإحضاره، وبما أنه آلى على نفسه إدامة النصح لموسى تغيب حالا عن المجلس، وسار ليخبر موسى، وهو المعنى بقوله تعالى: {وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعى} يهرول ويسرع في مشيه، وكان سلك أقرب الطرق التي سلكته الشرطة للقبض على موسى لينذره بالخطر عليه من بقائه في مصر كلها والمدينة المار ذكرها في الآية 14، قالوا ان اسمها منف أو عين شمس أو حابين، واسم المؤمن حزقيل، ولما وصل إليه {قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} الملك ووزراؤه يبشاورون بشأنك {لِيَقْتُلُوكَ} بالقبطي قصاصا، سمى التشاور ائتمارا، لأن كلا من المستشير والمستشار يأتمر بأمر صاحبه، وقد استدل القرضي وغيره أن النميمة لمصلحة دينية جائزة كما هنا، وكذلك الكذب لمطلق مصلحة مشروعة {فَاخْرُجْ} الآن {إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} 20 وكان موسى يعرفه لأنه كان يتفقده دائما وهو واثق به، وله موقف عال سيأتي في الآية 38 من سورة المؤمن في ج 2 فامتثل موسى حالا بدليل قوله: {فَخَرَجَ مِنْها خائِفًا} على نفسه من آل فرعون، لان العطف بالفاء يدل على التعقيب بلا فاصلة عما قبله {يَتَرَقَّبُ} الطلب لئلا يلحقه فيأخذه إلى فرعون، وفي هذه الآية دلالة على أن النصح مطلوب والاخذ به كذلك، والنصيحة بين المسلمين واجبة، وقد حث عليه الرسول كثيرا، ولجأ موسى إلى ربه عز وجل لعلمه أن لا ملجأ له إلا إليه {قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} 26 فأجاب دعاءه وأعمى الشرطة عن رؤيته وعن الالتحاق به {وَلَمَّا تَوَجَّهَ} بتوفيق اللّه إياه {تِلْقاءَ مَدْيَنَ} جهتها وقد ساقه اللّه لطريقها، وهو لا يعرفه، لان أهالي مدين من نسل إبراهيم جده عليه السلام ولحكمة أرادها اللّه كما سيأتي، قالوا وبين مصر ومدين ثمانية أيام، راجع الآية 40 من سورة طه المارة، فسار هذه المسافة على قدميه لم يأكل ولم يشرب إلا من نبات الأرض وما يجده من الغدران، وموسى تربى تربية ملوكيّة، وهذا أول بلاء أصابه، لأنه لما يعرف العناء، ولما لم يعرف أين يسير {قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ} 22 الطريق المعدل الموصل إلى ما به النجاة والسواء بمعنى الوسط، وذلك أنه صادف مفترق الطرق فألهمه اللّه أن يسلك الوسط منهما وقيل أن اللّه أرسل ملكا أرشده إليه فسلكه، قالوا ولما وصل الّذين تعقبوه إلى ذلك المفرق لم يعرفوا أي طريق سلكه كي يتعقبّوه عليه، فقر رأيهم على أن الخائف لا بسلك الطريق السوي بل يسلك بنياته، فسلكوا غير الطريق التي سلكها ليتم مراد اللّه الذي أجاب دعاءه بنجاته منهم، ولذلك فإن الطلب صل مقصوده فرجع خائبا وموسى بلغه {وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ} بئرها المعد لسقي المواشي {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} 23 أعناقهم ودوابهم.
واعلم أن لفظ الام من المبهم أحد أقسام البديع، وله تمان معان فمعناها في قولك نحن من أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم الجماعة وفي رجل جامع للخير يقتدى به كقوله تعالى: {إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً} الآية 120 من سورة النحل في ج 2 الرجل الفذ الجامع وتأتي بمعنى الحين والزمان في قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ} وقوله: {إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} وقوله: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} وتأتي بمعنى القامة يقال فلان حسن الامة، وتأتي نعتا للرجل المنفرد بدين قال صلّى اللّه عليه وسلم يبعت زيد بن عمرو بن تفيل أمة وحده، ويطلق على الام أيضا {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ} بمكان بعيد عنهم أسفل منهم {تَذُودانِ} اغنامهما وتمنعانها من التقرب إلى محل الورود والذود هو المنع فتقرب موسى منهما {قالَ ما خَطْبُكُما} ما شأنكما لا تتركان مواسيكما لتقرب نحو الماء {قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ} مواسيهم عن الماء لأنا لا نستطيع مزاحمتهم حال الورود، فاذا صدروا عن الماء أسقينا أغنامنا ما يفضل في الحياض، لأنا لا نقدر أن نستقى بأنفسنا ونخشى القوم إذا أطلقنا مواشينا على حياضهم، لذلك نزودها حتى يكتفوا وما لنا أخ.